خـــــاص - منصّة الصلب العربية

بقلم المهندس/ محمـد صـلاح

وربما لأوروبا ...فالفرصة ذهبية لنقل الصناعات كثيفة الطاقة ومنها الحديد والصلب من أوروبا لمصر.

نعم ماكتبته صحيح فالأمر مُربح للطرفين "win-win" فالمتابع لأسواق الحديد يعلم ماتُعانيه المصانع الأوروبية من إرتفاع لأسعار الطاقة مما دفع بعضها لاإطفاء الأفران وهو معنى له ماله من دلالات وأبسطها أن إعاده التشغيل قد يستغرق وقتاً طويلاً وهو مايعنى أنهم يرون إمتداد الأزمة لفترة طويلة وكذلك

فإن البعض الآخر من مصانع اعادة الدرفلة قررت العمل بشكل متقطع على فترات وليس طوال الأسبوع.

وفى الوقت الذى نجد أن أسعار الصلب الأوروبية آخذه فى الارتفاع نتيجة لزيادة تكلفة الطاقة نجده ينخفض فى أسواق شرق آسيا ، خاصة الصين التى تحظى بأكثر من نصف الإنتاج العالمى وبالتالي فهي مُحرك رئيسي للأسواق مما دفع الكثيرون من عملاء المصانع الأوروبية للإتجاه شرقاً رغم ما يخلفه ذلك

عليهم من سلبيات زمنية ونوعية وهو مما يهدد الصناعة الأوروبية بالخروج من السوق لفترة غير محددة.

الجدير بالذكر انه ومن قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية كان الحديث دائراً عن تحويل صناعة الحديد المسئولة عن 8% من إنبعاثات الكربون الى حديد صديق للبيئة حديد أخضر ( وما يستلزمه ذلك من تغيير فى طرق الصناعة من الأفران العالية "Blast Furnace" الى أفران القوس الكهربي "EAF"

بطريقة الإختزال المباشر "DRI" وكذلك فى الطاقة المستخدمة من الوقود الآحفوري الى الهيدروجين الأخضر الناتج من الطاقة المتجددة وهو مايدفع بزيادة سعر طن الحديد بنسبة 30 % كما يتطلب التغيير توقفاً للإنتاج وزيادة إستثمارات كلاً من الطاقة والتصنيع قدرتها شركة آرسيلور ميتال كأكبر شركة حديد

أوروبية بقيمة 40 مليار يورو لمصانعها في اوروبا فقط. .

وقام الإتحاد الأوروبي بدعم تلك الإستثمارات ظن وبالفعل بدأت شركات مثل "SALZGITTER" بالبدء فى مشروعات عملاقة لتغيير مصانعها والإعتماد على طاقة الرياح لتوليد الهيدروجين الأخضر ، ومن ناحية أخرى بدأ الإتحاد الأوروبى في دعم إتفاقيات مع دول الجنوب وتحديداً دول شمال آفريقيا

كمصدر مأمول لانتاج الطاقه النظيفة ونقلها الى أوروبا وتم عقد إتفاقية حديثاً مع المغرب الشقيق في هذا الإطار.

-  لماذا مصر؟

أولاً: إختيار مصر لإستضافه قمه المناخ "COP27" لم يأت من فراغ بل لأسباب عديدة منها دعم الدولة لمشاريع صديقة البيئة ، والإهتمام بتنمية هذا الإتجاه.

تتبع مصر إستراتيجية طموحة تدعم الإنتقال إلى الإستخدام الأنظف للطاقة ، وخفض الإنبعاثات الكربونية كجزء من رؤيتها للتنمية المستدامة "مصر 2030" حيث قامت الدولة بتوقيع 7 إتفاقيات لتصنيع الهيدروجين الأخضر مع جهات أوروبية وآسيوية وخليجية فى منطقة "العين السخنة" بمشاركة حكومية مع القطاع الخاص بطاقة إجمالية تقدر بحوالي مليون وربع المليون طن سنوياً علماً بان الهيدروجين الأخضر هو العنصر الأهم فى الطاقة المطلوبة للحديد الاخضر.

ثانياً: حسب تقرير الإتحاد الأوروبي فتحول صناعة الهيدروجين الأخضر إلى صناعة مستمرة وبكميات كبيرة يتيح الفرصة لإنخفاض التكلفة مع الأخذ في الإعتبار أن طن الحديد الأخضر يلزمه 50 كجم من الهيدروجين وأن الكجم من الهيدروجين يلزمه توليد 50-55 ك و س من الطاقة وان سعر الكيلو وات

تناقص بنسبة 60 % خلال العشر سنوات الماضية نتيجة لتناقص تكلفة الطاقة المتجددة بزيادة نسبة إستخدامها وان تكلفة الحديد الأخضر تتناقص بتناقص تكلفة الهيدروجن الأخضر والتي تقدر الآن بـ 3.6 يورو لكل كجم والمقدر لها ان تصل الى 1.8 يورو /كجم بحلول عام 2030.

فإننا إذا إستهدفنا عام 2030 للإنتهاء من مصانع الهيدروجين والحديد الاخضر فإن زيادة سعر طن الحديد الأخضر ستهبط الى 10 % بدلاً من 30 % كما هو الحال الآن ، وهوالمتوقع حال البدء في هذه المصانع خلال الفتره المقبلة. كما أن الطلب عليه سيكون أكثر بكثير نتيجة لقيود البيئة وضريبة الكربون

المزمع تنفيذها بحلول 2030 .

ثالثاً: مصر لديها الغاز الطبيعي الذي يمكن إستخدامه فوراً في تصنيع الهيدروجين الرمادي ثم الأزرق كفترة إنتقالية قبل انتاج الهيدروجين الاخضر بكميات كافية.

رابعاً: مصر ستمنح الفرصة لهذه المصانع المزمع إنشاؤها للتصدير لإفريقيا كون مصر تتمتع بالإعفاء الجمركى الكامل لمنتجاتها لأكثر من 54 دولة افريقية كونها عضوة بالـ "AfCFTA" والكوميسا وهذه الدول تمثل سوقاً مستهدفاً لجذب للإستثمار من كل دول العالم وفي مقدمتها "الصين" التى تواجة تنافساً

شرساً من العالم الغربي.

خامساً: إفريقيا سوق واعد ومستهدف لكل دول العالم والموجود من الطاقه به لايسمح بإنشاء صناعات كثيفة الطاقة كالحديد وبالتالى ففرصة المنافسة الإقليمية محدودة بينما يمكن مساهمة الدول الافريقيه في توريد الخام المتوافر بكثرة فى الغرب الإفريقي .

سادساً: لا تمثل مصر بالنسبة للإتحاد الأوروبي تحدياً سياسياً أو إقتصادياً بل بالعكس فهي تشجيع الإستثمار بها يحد من الهجرة العشوائية وهو أمر مستهدف منهم كما أن الإنتاج المصري سيحد من التدخل الصيني المباشر فى القارة .

ومن جهة آخرى فالتوازن في العلاقات المصرية بين الشرق والغرب أتاح الفرصة لتنمية العلاقات المصرية الصينية مما يسمح بتشجيع المشروع من الجانب الصينى كذلك .

سابعاً: مبالغ الإستثمار للتحول الاخضر قد تم رصدها بالفعل من الجانب الأوروبي وبالتالى فأمر التحول لا يلزمه إلا الإرادة السياسية لهم . وهو أمر يشجعه الرغبة الحثيثة من الحكومات بتقليل إستخدام الطاقة خلال الفترة المقبلة خاصة في الشتاء .

ثامناً: توفر العمالة المدربة والمهنية اللازمة لإنشاء المصانع بمصر.

تاسعاً: حيث ان السوق المصري لن يستوعب حجم الانتاج المزمع إنشاءه فان مشاركة الجانب الاوروبي بماله من قدرات تسويقية ومنتجات فريدة مطلوبة فى أنحاء العالم يجعل من إستمرارية النجاح أمر شبة مضمون .

عاشراً: إستخدام الهيدروجين الآخضر كجزء من المنتج النهائي وبالتالي زيادة القيمة المضافة بدلاً من بيعه ونقله كمادة خام فقط. كما أن الإستثمار المباشر يتيح الفرصة لتشغيل العمالة ونقل التكنولوجيا وزيادة التصدير وزيادة رصيد الإحتياطي النقدي الأجنبي وبالتالي تحسين سعر الجنية أمام العملات الآخرى و ميزان المدفوعات والوضع الإئتماني بما يتيح أقل نسبة فائدة على الدين الخارجي بما يجذب فرص أكثر للإستثمار الخارجي مرةٌ أخرى .

- المطلوب تحرك حكومي نحو:

-    إنشاء مدينة صناعية متكاملة لصناعة الحديد والصلب بكافة منتجاته تشمل متطلبات الطاقة الخضراء وتشمل ميناء للتصدير وإستقبال المواد الخام.

-    تقديم حوافز إستثمار تجذب مالكي الأسهم الأوروبين نحو الإستثمار في مصر وتحديداً فيما يتعلق بأسعار الطاقة والأرض والخروج الآمن للآموال مع تحقيق الإستفادة القصوى المحلية منها.

-    تحرك سياسي لإقناع الحكومات التي تدعم التحول الأخضر مالياً بنقل جزء من هذا الدعم نحو مصر مع الأخذ بالإعتبار حساسية نقل التكنولوجيا الجيوسياسية.

-    إستغلال الحدث الأهم بيئياً وهو قمة المناخ في مصر COP 27 لشرح مدى الحاجة لتحويل الحديد مهما كانت تكلفتة وبيان حتمية المشروع مع إظهار ما يمكن أن تقدمة مصر فى هذا المجال ............حفظ الله مصر .