ko

مصر : الحرب على صناعة الحديد : قرارات الحكومة تهدد الشركات المصرية

الاثنين 06 مارس 2017 10:54 صباحاً المشاهدة(7363)

 
 
الصناعة فى مصر أسرع وسيلة للتنمية. أكثرها استدامة. لا تتأثر بحادث هنا أو هناك ( صناعات الأدوية. الأسمنت. الحديد والصلب. الغزل والنسيج. وغيرها.) كلها صناعات رئيسية. انتعاشها يعطى مؤشرا إيجابيا عن الحالة الكلية للاقتصاد. تعثرها أو ضعفها يعطى مؤشرا سلبيا بكل تأكيد. فى الأيام القليلة الماضية، اشتعلت الأزمة بين الحكومة ومصانع الحديد، بعد رفض مطالب أصحاب الشركات بفرض رسوم حماية مؤقتة لحين الفصل فى قضية الإغراق، ورفض الحكومة خفض أسعار الغاز للمصانع الوطنية من «7» دولارات للمليون وحدة حرارية إلى «4» دولارات.
 
 
فى هذا البحث، نسلط الضوء على أكبر مجموعة صناعية من حيث الحجم. وقيمة المبيعات. وحجم الضرائب المُسَدّدَة سنوياً. هذا ما وجَّهنا لدراسة حالتها كقياس. من خلال ذلك ننظر إلى مستقبل الصناعة فى مصر. إذا أزلنا ما يعوقها. بعدها ستنهمر الاستثمارات من كل لون. من كل بلد. إذا وفرنا للمستثمر بيئة آمنة.
 
 
ما يعوق الصناعة حقاً هو اشتباكات غير مبررة مع الدولة. من خلال أجهزة رقابية اضطُرّت لتوجهات معينة، فى ظروف ثورة واضطرابات هائلة. مع أن من يتحمل مسؤولية الاستثمار فى مصر يجب حمايته. فى هذا لا يحركنا هوى. لا تحركنا جنسية المستثمر. الاستثمار لا علاقة له بالسياسة.
 
هدف الدولة:
 
فى عام 2007، سعت الحكومة لتخفيض تكلفة إنتاج الصلب فى مصر، حتى ينخفض سعره على المستهلك. لتحقيق ذلك، استهدفت أولاً التعرف على الاحتياجات المستقبلية من الطاقة لهذه الصناعة. وثانياً، مساعدة مصانع الصلب على تعميق صناعتها بأن تبدأ عملياتها الإنتاجية بالخام الطبيعى، حتى الوصول للمنتج النهائى. التعميق يوفِّر تكلفة استيراد المنتجات الوسيطة. يُقلل تكلفة المنتج النهائى. هذا أيضاً ما نتمناه اليوم بالنسبة لصناعة السيارات. فبدلاً من استنزاف موارد الدولة الدولارية فى الاستيراد، سينقلب الوضع، فنصبح من مصدرى السيارات كتركيا، والمكسيك، والبرازيل، والهند، وجنوب أفريقيا. عام ٢٠٠٧، طَلبَت الحكومة من شركات الصلب المصرية أن تقدم احتياجاتها من الطاقة لتحقيق ذلك.
 
 
تقدمت مجموعة عز- أكبر مجموعة صلب فى العالم العربى من حيث الإنتاج والمبيعات، الشركة المُصَنَّفة رقم 40 على مستوى العالم (من بين أكثر من 1500 شركة مصنفة وفقاً لمنظمة الصلب العالمية)- تقدمت مع كل شركات الصلب الأخرى العاملة فى مصر.
 
قررت الحكومة أنها تستطيع تلبية كل هذه الطلبات. منحت رخص طاقة لثلاث مجموعات صناعية «عز - بشاى - السويس للصلب»، بالإضافة إلى شركة طيبة. تم هذا المنح فى نفس اليوم، وفى مؤتمر صحفى واحد. أُطلِق على هذه الرخص وقتها اسم «رخص مجانية». وفقاً لقانون الصناعة، الأصل فى الرخص الصناعية أن تكون مجانية.
 
 
تضمنت الرخص اشتراطات لم تُطَبَّق فى مصر قبل ذلك. تسعير الغاز يكون بالسعر العالمى.
 
 
ترجمة الدولة للسعر العالمى للغاز:
 
تم التسعير بسعر أعلى من السعر العالمى. تم تحديده بـ7 دولارات للمليون وحدة، أى بسعر الغاز المستورد المسال. سعر أعلى من سعر الغاز المحلى أو السعر العالمى فى مواطن إنتاجه قبل إسالته، الذى لا يزيد على 2.3 دولار. إذا كان تسعير الغاز لصناعة الصلب حالياً يحقق للدولة مكسبا بأكثر من 200٪، فهل فى هذا تشجيع للمستثمر؟. جاءت بعد ذلك بدعة أخرى، هى أن تقوم الشركات بتمويل محطة الكهرباء التى كان على الدولة بناؤها لتوفير الكهرباء لهذه المصانع. بعد هذا التمويل تؤول المحطة لملكية الدولة.
 
 
كيف نستغل الغاز الفائض؟
 
بعد منح الرخص للشركات المصرية، اكتشفت الحكومة أن لديها طاقة إضافية لمُصَنِّع آخر (هدفه استثمار جديد وليس تعميق الصناعة، كما هو الحال بالنسبة للشركات الوطنية). حينها قررت أن يكون هذا المُصَنِّع شركة أجنبية. تم إجراء مزايدة بين الشركات الأجنبية، ففازت شركة «أرسيلور ميتال»، أكبر شركة صلب فى العالم. سددت قيمة المزايدة فى 2008 بالجنيه المصرى (340 مليون جنيه).
 
 
كيف نتصيد مستثمرا محليا؟
 
فى 2011، ماذا حدث مع مجموعة عز دون غيرها من الشركات؟ تم اتهام الشركة رقم 40 على العالم بأنها لم تؤَهَّل للحصول على تراخيص الحديد، وأنها حصلت على الرخصة بالمجان. كل الآخرين أُهِّلوا وحصلوا على الرخص بالمجان دون اتهام. الشركة التى تَرَأس رئيس مجلس إدارتها اتحاد الصلب العربى لدورتين، متقدمة من حيث الإنتاج والمبيعات على شركات الدولة فى السعودية والإمارات والجزائر وقطر، اعتُبِرَت غير مؤَهَلة! هذا بالضبط كما لا تُؤَهّل شركة مصر للطيران عند طرح خطوط طيران داخلى مصرية، أو كما لا تُؤَهّل شركة المقاولون العرب لتنفيذ مشروع إنشائى كبير! والأكثر من ذلك، أنه تم تغريم شركة عز دون غيرها. وكان عليها أن تدفع غرامة تماثل ما دفعته شركة «أرسيلور ميتال».
 
 
ماذا حدث مع المستثمر الأجنبى؟
 
«أرسيلور ميتال» لم تُقِم أى مصنع فى بلدنا. بدلاً من ذلك، أقامت دعوى تحكيم دولى ضد مصر فى 2015. زاعمة أنها تضررت من تسعير الغاز بالسعر العالمى. كذلك من عدم توفيره أصلاً. اضطرت الحكومة من خلال مفاوضات مضنية للتسوية مع الشركة. وافق مجلس الوزراء فى 2016 على رد مقابل الرخصة التى سددتها الشركة فى 2008 بالكامل، بالدولار الأمريكى (60 مليون دولار)، بل تعويضها عن الضرر (30 مليون دولار إضافية)، بالإضافة لذلك تحملت الحكومة المصرية مصروفات الدمغة عن الشركة (2 مليون دولار). إجمالاً، تحملت الحكومة أكثر من مليار ونصف جنيه. اعتُبِرَ ذلك نجاحاً جنَّبنا ويلات التحكيم.
 
 
كيف كان أداء شركة عز وسببان للخسارة؟
 
الأكثر من ذلك، «حديد عز» - الشركة الوحيدة التى تم تغريمها، وحبس رئيس مجلس إدارتها من بين الشركات الأربع التى حصلت على رخص - هى المستثمر الوحيد الذى انتهى من المشروع وبدأ الإنتاج منذ أكثر من عام. من السخرية، أن الشركة التى حصلت على الترخيص تخسر 200 مليون جنيه سنوياً من هذا الاستثمار.
 
 
شركة عز - لها ثلاث شركات تابعة، تمثل كلها مجموعة عز - مقيدة فى بورصة الأوراق المالية فى مصر ولندن. لذلك حساباتها مكشوفة ولا تملك الحيدة عن الشفافية. تَسَبّبت الرخصة التى حصلت عليها فى أن تخسر الشركة 200 مليون جنيه سنويا. وكان للخسارة سببان:
 
1- احتساب السعر العالمى للغاز بسعر الغاز المستورد المسال (إذا كان التسعير بالسعر العالمى، فلماذا سداد قيمة الرخصة؟).
 
2- عدم الانتظام فى توريد الغاز، بل انقطاع توريده لمدة طويلة.
 
 
بعد أن تم نقض حكم أول درجة. مازالت المحاكمة جارية. لايزال رئيس مجلس إدارة شركة عز السابق مُعَرَّضاً للحبس - فى سابقة نراها لأول مرة لرجل صناعى - ليس لأنه تلاعب فى أرباح، أو تَهَرّب من ضرائب، أو حَجَب معلومات - ولكن لأنه استثمر فى صناعته، فى بلده، 530 مليون دولار. لو أن هناك مستثمرا قطريا أو تركيا - مع كل التوتر فى علاقاتنا بهذه الدول - يريد استثمار هذا المبلغ فى صناعة ثقيلة فى مصر الآن، مع تحمله الطاقة بالأسعار العالمية، لكانت يُسِّرَت له كل الموافقات، وفُتِحَ له الشباك الواحد على مصراعيه.
 
 
المفاجأة:
 
مشروع قانون الاستثمار الحالى، الذى تصوغه الحكومة، يتضمن إمكانية منح الاستثمارات الجديدة الأرض بالمجان، مع تخفيض 50٪ فى أسعار الطاقة، بل إعفاء من الضرائب لمدة 10 سنوات. مشروع حديد عز محل الرخص، الذى بدأ الإنتاج منذ عامين فى السويس، لم يحصل على الأرض بالمجان، يدفع فى الغاز الطبيعى أكثر من ضعف السعر العالمى الحالى. لا يتمتع بأى إعفاء ضريبى.
 
 
إنها محاكمة غير منطقية للصناعة المصرية.
 
 
........................
المصرى اليوم



arkan
incosteel news
infit- news
soy

اخبار متعلقة

شركة Pipetec Solutions Manufacturing تنشئ مصنعاً بقيمة 100 مليون درهم في الإمارات
المشاهدة(138)

أعلنت مناطق خليفة الاقتصادية أبوظبي - مجموعة كيزاد، أكبر مشغل للمناطق الاقتصادية المتكاملة والمتخصصة، وشركة "بايبتيك سوليوشنز مانوفاكتشرنغ" ومقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة، عن توقيع اتفاقية مساطحة تمتد...المزيد

أمين عام اتحاد الغرف السعودية: 350 شركة تركية مهتمة بالاستثمار في المملكة
المشاهدة(287)

صرّح أمين عام اتحاد الغرف السعودية، وليد العرينان، إن هناك 350 شركة تركية مهتمة بالاستثمار في المملكة، ودور اتحاد الغرف التجارية تمكين الشركات الأجنبية من الدخول للسوق وربطها بالمستثمرين السعوديين.المزيد

منظمة الصلب العالمية تتوقع إنتعاشاً للطلب العالمي على الصلب لعام 2025
المشاهدة(753)

أصدرت منظمة الصلب العالمية (وورلد ستيل) توقعاتها لعامي 2024 و2025، وتوقعت أن ينخفض الطلب العالمي على الصلب بنسبة 0.9 في المائة هذا العام إلى 1.75 مليار طن ثم يرتفع بنسبة 1.2 في المائة في عام 2025 إلى 1.77 مليار طن، بعد ثلاث سنوات من...المزيد

اضف تعليق